01-18-2023, 08:02 PM
|
|
ما الفرقُ بينَ رسمِ : (سَاحِر) , ورسمِ : (سَٰحِر) , في القرءَانِ الكريمِ ..؟
ما الفرقُ بينَ رسمِ : (سَاحِر) , ورسمِ : (سَٰحِر) , في القرءَانِ الكريمِ ..؟
وردَتۡ لفظۃُ : (سَاحِر) في القرءَانِ الكريمِ (12) مرة , رُسِمَتۡ (9) منها برسمِ : (سَٰحِر) بغير الألفِ , ورُسِمتۡ (3) منها برسمِ : (سَاحِر) بإثباتِ الألفِ .
فأمَّا الَّتي هي بغيرِ الألفِ ففي قولِه تعالیٰ : (قَالَ الۡمَلَأُ مِنۡ قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٌ) . الأعراف : 109 .
وقالَ أيضًا : (يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٍ) . الأعراف : 112.
وأيضًا : (قَالَ الۡكَٰفِرُونَ إِنَّ هَٰذا لَسَٰحِرٌ مُّبِينٌ) يونس : 2 .
وأيضًا : (وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ ائۡتُونِی بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٍ) يونس : 79 .
وأيضًا : (وَأَلۡقِ مَا فِی يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيۡدُ سَٰحِرٍ) طه : 69 .
وأيضًا : (قَالَ لِلۡمَلَأِ حَوۡلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحٌِر عَلِيمٌ) الشعراء : 34 .
وأيضًا : (وَقَالَ الۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا سَٰحِرٌ كَذَّابٌ) ص : 4 .
وأيضًا : (إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَهَٰمَانَ وَقَٰرُونَ فَقَالُوا سَٰحِرٌ كَذَّابٌ) غافر : 24 .
وأيضًا : (فَتَوَلَّىٰ بِرُكۡنِهِ وَقَالَ سَٰحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ) الذاريات : 39 .
وأمَّا الَّتي هي بالألفِ , ففي قولهِ تعالیٰ : (وَلَا يُفۡلِحُ السَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ) . طه : 69 .
وقوله تعالیٰ : (وَقَالُوا يَٰأَيُّهَ السَّاحِرُ ادۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنۡدَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ) الزخرف : 49 .
وأيضًا : (كَذَٰلِكَ مَا أَتَىٰ الَّذِينَ مِنۡ قَبۡلِهِمۡ مِن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوۡ مَجۡنُونٌ) الذاريات : 52 .
والواقعُ أنَّ الرَّسمَ القرءَانيَّ قدۡ فصَلَ بينَ مَنۡ يتَّخِذُ السِّحرَ مِهنۃً وصَنعۃً , وبينَ مَنۡ يقومُ بالحَركاتِ السِّحريۃِ أمامَ الناسِ , حتىٰ لو لمۡ يكُنۡ يمتَهِنِ السِّحرَ , ذَٰلكَ أنَّ إضافۃَ الألفِ إلىٰ الكلمۃِ تفيدُ مسافۃً , تعبِّرُ عنِ الحركاتِ السِّحريۃِ الَّتي يقومُ بها الساحرُ , وعنِ المسافۃِ المكانيۃِ بينَه وبينَ النَّظَّارَةِ الَّذينَ يراقبونَ ويشهدونَ حركاتَه .
ولذَٰلكَ عبَّرَ عنه القرءَانُ الكريمُ برسمِ الكلمۃِ بالألفِ : (سَاحِر) .
أمَّا منۡ يمتَهِنِ السِّحرَ ويتَّخذۡهُ حِرفۃً , فقدۡ أصبَحتۡ حرفۃُ السِّحرِ جُزءًا مِنۡ شَخصِيَّتِه , حتىٰ لوۡ لمۡ يكنۡ يقومُ بأعمالِ السِّحرِ , فمثلُه كمثلِ النَّجارِ الَّذي أصبَحتۡ حِرفۃُ النِّجارةِ جُزءًا مِنۡ شَخصِيَّتِه , فهو نَجارٌ , سواءٌ كانَ يُمسِكُ بالأدواتِ ويعمَلُ , أمۡ كانَ نائمًا في بيتِه . ولمَّا كانتۡ حِرفَۃُ السِّحرِ جُزءًا منۡ شَخصيۃِ السَّاحرِ مُلتَصِقۃً به , فقدۡ عبَّرَ عنه القرءَانُ الكريمُ برسمِ الكلمۃِ : (سَٰحِر) بغيرِ الألفِ , أو بالألفِ الخِنجَرِيَّۃ .
وحينَ نُراجِعُ الآياتِ القرءَانيۃِ أعلاهُ , نجدُ أنَّ صِفۃَ الكذَّابِ قدۡ أُلصِقَتۡ (بالسَٰحرِ) الَّذي يَمتَهِنُ السِّحرَ ويتَّخِذُه حِرفۃً , ولمۡ تُطلَقۡ علىٰ : (السَّاحِرِ) أثناءَ قيامِه بحركاتِه السِّحريۃِ , لأنَّ صِفۃَ الكَذَّابِ في هَٰذه الصِّيغۃِ أيۡ صيغۃِ المُبالَغۃِ , تُشيرُ إلىٰ أنَّ الكَذِبَ هو صِفۃٌ أصيلَۃٌ في شَخصيۃِ الكَذَّابِ , فقَولُهم : (سَٰحِرٌ كَذَّابٌ) يُشيرُ إلىٰ أنَّ السِّحرَ مهنۃٌ أصيلۃٌ , كما هو الكَذَبَ صفۃٌ أصيلَۃٌ .
وكذَٰلكَ وَصفُ : (السَّٰحِرِ) بغيرِ الألفِ بأنَّه : (عَلِيمٌ) وهي صِفۃٌ لا تُطلَقُ إلَّا علىٰ صاحبِ حِرفۃٍ خَبيرٍ بها , ولمۡ تُطلقۡ صفۃُ العليمِ علىٰ : (السَّاحِرِ) بالألفِ , ممَّا يُشيرُ إلىٰ أنَّه لمۡ يتخذِ السِّحرَ حرفۃً .
ويُؤكدُّ لنا هَٰذا المعنىٰ ما نجِدُه في ءَاياتِ سورة : (طه) حينَ ألقىٰ السَّحَرَةُ حِبَالَهُمۡ وَعِصِيَّهُمۡ فَخُيِّلۡ إلىٰ (موسى) عليه السلام منۡ سِحۡرِهِمۡ أنَّهَا تَسۡعَىٰ , فقالَ له الله تعالىٰ : (وَأَلۡقِ مَا فِی يَمِينِكَ تَلۡقَفۡ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيۡدُ سَٰحرٍ وَلَا يُفۡلِحُ السَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ) طه : 69 .
فقولُه : (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيۡدُ سَٰحِرٍ) مُختَصٌ بالحديثِ عنۡ مهنۃِ السِّحرِ وصنعَتِه , فجاءَتۡ لفظۃُ السَّاحرِ فيها بغيرِ الألفِ : (سَٰحِر) لتَدُلَّ علىٰ المهنۃِ والحرفَۃِ والصنعۃِ .
أمَّا قولُه : (وَلَا يُفۡلِحُ السَّاحِرُ حَيۡثُ أَتَىٰ) , فيختَصُّ بالشخصِ أثناءَ قيامِه بالحرَكاتِ السِّحريۃِ فقط , سواءٌ كانَ يمتَهنُ السِّحرَ أمۡ لا , فهو لنۡ يُفلِحَ , لأنَّ ما يقومُ به منۡ حركاتٍ , هو تَخَييلٌ لأعينِ الناسِ , وليسَ حقيقۃ .
وهَٰذا يعني أنَّ : (السَّٰحِرَ) بغيرِ الألفِ : هو الَّذي يمتَهِنُ السِّحرَ ويتَّخذُهُ حِرفۃً .
وأنَّ (السَّاحِرَ) بالألفِ : هو وَصفٌ لشخصٍ أثناءَ قيامِه بالحركاتِ السِّحريۃ .
والله أعلم .
المصدر : منتديات ريم الغلا - من ~•₪• نبضآت إسلآمِيـہ ~•₪•
|