الخرزة الزرقاء، تُعد من العادات الفلكلورية الشهيرة، التى نستخدمها حتى الآن، على الرغم من أنها موروثة من أجدادنا والأساطير القديمة. فهى تعبير عما يطلق عليه «عين الحسود». فمهما اختلفت الفئات الاجتماعية، والزمن، تبقى عين الحسود حاضرة. وبقوة. فى العالم كله. واندمجت فى عالم الموضة، والمشاهير. لكن ماذا تعنى عين الحسود، لدى الفراعنة والمصريين القدماء؟.
ما أصل الخرزة الزرقاء؟
تقول بعض الروايات، إن أصل الخرزة، والعين الزرقاء، يرجع إلى القدماء المصريين، الذين كانوا يخافون، من أصحاب البشرة البيضاء، والعيون الزرقاء. ويرفضون وجودهم، على الأراضى المصرية. لكن من أشهر الروايات، التى تتحدث عن الحسد والشر، عين حورس، ما القصة؟.عُرفت «عين حورس»، أو «عين القمر أو عين رع»، أنها رمز، وشعار مصرى قديم، ذي خصائص تميمية. يستخدم للحماية من الحسد، ومن الأرواح الشريرة، ومن الحيوانات الضارة، ومن المرض.
واستُخدمت عين حورس، لأول مرة، كتعويذة سحرية، عندما وظفها حورس، لاستعادة حياة والده أوزوريس. وحظيت بشعبية كبيرة فى مصر القديمة. ومثلت تعويذة، فى يد أصحاب النفوذ القوية، لأنها تقوى النظر. وتعالج أمراض الرؤية. وتقاوم أعراض الحسد. وتحمى أيضًا الموتى.وتظهر العين، فى شكل قلادة، يتزين بها الشخص. معبرة عن القوة الملكية، المستمدة من الإله حورس أو رع. كما تعد رمزًا شمسيًا، يجسد النظام. والصرامة. والوضع المثالى.
فى مصر الفرعونية، كان يتم حفر «عين حورس»، فى قبور الفراعنة، لحمايتهم من الشرور. وكذلك وجدت آثار، لتلك العين، فى تل براك فى سوريا. ويعتقد عودتها، لما يقارب 3500 سنة، قبل الميلاد.
مع مثل هذا الاعتقاد المتشدد، وواسع الانتشار، بأن التحديق يحمل السلطة، فى إحداث مصيبة كارثية، فيما يعرف بالحسد، فإنه ليس من المستغرب، أن يبحث الناس، فى الحضارات القديمة، عن وسيلة لصدها. ما خلق تميمة «العين الشريرة». لماذا اختار الفراعنة اللون الأزرق؟
اختار الفراعنة اللون الأزرق لارتباطه بزرقة السماء التى تسبح فيها الشمس (رمز الإله رع عند المصريين القدماء)، وتعيش فيها الآلهة وتحمى الإنسان وتباركه، وتختلف الروايات حول تفسير رمز الخرزة الزرقاء حيث يعتقد أن الشعوب السامية التى سكنت أطراف البحر المتوسط رسمت الكف التى تحمل العين الزرقاء، بهدف ترهيب الرومان الذين استعمروا بلدانهم فى حقبة من التاريخ.
ربما كانت العيون الزرقاء ما ميز الرومان عن الشعوب المستعمرة آنذاك، وهو تعبير صريح عن رفضهم للمستعمر الجديد، فكانوا يحملون عصيًّا فى أعلاها ذلك الرمز المخيف الذى يهدد باقتلاع أعينهم، أو يكتفون بإلصاقه على أبوابهم. وفيما بعد أصبحت رمزًا للحماية من كل شر، يحملونها فى أعناقهم كقلائد أو يعلقونها على جدران منازلهم.
كما يعد اللون الأزرق من الألوان المميزة الذى ظلت أهميته عالقة بالفكر الإنسانى فى عدد من العصور المختلفة، فقد تنوعت مسميات الخرزة الزرقاء فى العالم كله، ففى مصر قلادة مشهورة باسم «خمسة وخميسة»، وفى المجتمعات الإسلامية فى الدول الأخرى يطلق عليها اسم «يد فاطمة»، إشارة إلى فاطمة الزهراء؛ بنت الرسول محمد.
رغم أن الخرزة الزرقاء طرأ على استخدامها بعض التغيير على مدار آلاف السنين، لكننا ما زلنا نضع رمز الخرزة الزرقاء مثلما كان المصريون والإيتروسكانيون يرسمون العين على مقدمة السفينة لضمان مرورها بسلام، ولا يزال الأتراك يواظبون على إهداء المولود الجديد رمز العين الزرقاء، اعتقادًا أن الصغار أكثر عرضة للحسد.
مجوهرات الفراعنة
كشف الباحث سيريل ألدريد فى كتابه «مجوهرات الفراعنة»، أن الحلي التى كانت تُستخدم لتزيين الرقبة أو العنق وتطورت من شكل بدائى يتمثل فى التعويذة، التى كانت تتدلى من خيط أو رباط يحيط بالعنق، التى استخدمها الإنسان البدائى ليقى نفسه من القوى الخفية الموجودة فى الطبيعة، التى كان يعتقد أنها ترسل عليه الأعاصير والفيضانات والبراكين والزلازل، وتصيبه بالأمراض.
وذكر «ألدريد» أن أكثر التمائم شيوعًا واستخدامًا بين المصريين القدماء كانت التميمة أو الرقية المصنوعة من الخرز، وأنه لم تكن هناك أمة بالعالم القديم كله مثل مصر التى صنعت هذا القدر العظيم والكميات الهائلة من الخرز، لشعورها بالجانب الجمالى فى أشكال وألوان المواد الطبيعية، إلى جانب الاعتقاد فى القوى السحرية لتلك الخرزات·